تُعدّ النصب التاريخية والمباني القديمة والواحات الطبيعية من أهم العناصر الرئيسية المكوّنة للبيئة التاريخية في إمارة أبوظبي. وتُعنى دائرة الثقافة والسياحة بمسؤولية الكشف عن آثار الحضارات القديمة في الإمارة إلى جانب توثيق وحفظ وضمان سلامة المباني التاريخية. كما تمتد مسؤوليتنا إلى إدارة وتطوير المواقع ذات الأهمية الثقافية بما في ذلك الواحات والمواقع الأثرية. وتحتضن مدينة العين بعض المواقع الهامة المدرجة على قوائم اليونسكو لمواقع التراث العالمي، بما في ذلك واحاتها الستة والمواقع الأثرية في هيلي وجبل حفيت وبدع بنت سعود. وهذا التصنيف ما هو إلا دليلٌ آخر على الأهمية الثقافية التي تمتزج في أركان هذه المواقع، ودورها في ابراز القيم المحلية والإرث الثقافي.

تقع واحة العين التي تعد أول مواقع اليونسكو للتراث العالمي والتي تستقبل الزوار في وسط مدينة العين، وعلى مقربة من متحف العين الوطني، حيث تضمّ عدداً كبيراً من مزارع النخيل التي ما يزال معظمها يعمل حتى الآن. ستحيطك ممرّاتها المظلّلة بجو من الانتعاش ينقلك إلى ملاذ هادئ بعيداً عن الحرارة، حيث لا يتناهى إلى مسامعك سوى زقزقة العصافير وحفيف سعف النخيل. تستخدم هذه الواحة نظام الأفلاج في الري حيث يبلغ عمره حوالي 3000 عام، حيث تضمّ واحة العين مجموعة من قنوات المياه المبهرة التي تضخ الحياة في مزارع النخيل التي تتوسّط المدينة. تتوزع الواحة على مساحة تزيد على 1200 هكتار (حوالي 3000 فدّان) وتحتوي على أكثر من 147000 نخلة من أصناف متنوّعة تقارب المئة صنف. اختر واحداً من ثمانية مداخل مختلفة لتكتشف كيف نجحت أجيال لا تحصى في الاستفادة من مياه الآبار الجوفيّة للحفاظ على خضرة المدينة الجميلة. وقد تم مؤخراً إضافة واحة العين للنخيل بدولة الإمارات العربية المتحدة إلى عدد متزايد من النظم الإيكولوجية التي تقرّ منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) بأهميتها، باعتبارها مستودعات حية للموارد الوراثية والتنوع البيولوجي والتراث الثقافي. ناهيك عن أن هذه الواحة قد صُنِّفت كإحدى النظم التراثية الزراعية المهمّة على الصعيد العالمي، كما نوّهت الفاو بالجهود المتواصلة التي تبذلها دولة الإمارات العربية للمحافظة على البيئة والتراث. وقد تم تطوير الواحة لتقدم تجربة ثقافية غنية للزوار حيث تم بناء المركز البيئي عند مدخل الواحة لتقديم لمحة عامة عن أهمية الموقع في أبوظبي وذلك من خلال سلسلة من المعارض التفاعلية الرائعة، حيث يسلط الضوء على التدابير المتخذة للحفاظ على النظم الإيكولوجية. كما يساهم المزارعين في إبهار الزوار من خلال عرض أساليب الزراعة التقليدية. وقد تمّ إنشاء تجربة المركز البيئي المصمم خصيصاً عند مدخل الواحة، بحيث يسرد مكونات هذا الموقع المدرج على لائحة اليونسكو للتراث العالمي في منطقة العين، وهو يوفر لمحة عامة عن أهمية الموقع في حضارة أبوظبي. كما يسلّط الضوءَ على التدابير التي يتم اتخاذها للحفاظ على النظام البيئي الدقيق في الواحة، وذلك عبر سلسلة من المعارض التفاعلية المذهلة والمسلية. كما يُبرز الموقع للزوار المساهمة القيّمة التي يقدّمها المزارعون في العين عبر عرض متواصل لأساليب الزراعة التقليدية، وعبر تطوير برنامج يستمر على مدار العام ويحفل بالمهرجانات، والفعاليات والأنشطة التفاعلية.

يقع أكبر مجمع أثري للعصر البرونزي في دولة الإمارات العربية في منطقة هيلي بمدينة العين، ويعود تاريخه إلى بداية الألف الثالثة قبل الميلاد واستمر حتى بداية الألف الثانية دون انقطاع. وقد ضُمت بعض أجزاء هذا الموقع إلى حديقة أثار هيلي، التي تم تصميمها لتسليط الضوء على الآثار التاريخية وإتاحتها للزوار. ويُعد مدفن هيلي الكبير بأنه من أكبر المدافن الجماعية في مجمع هيلي الأثري المبنية بأشكال دائرية من الحجر المنحوت، فيما يصل قطره إلى 12 متراً، يبدو أنه كان على ارتفاع أربعة أمتار عن سطح الأرض. ويحتوي المدفن على أربعة غرف داخلية كل واحدة منها مخصصة لدفن عدد محدد من الموتى. كما تدل قبور جماعية أخرى تعود إلى نفس الفترة على دفن المئات من الموتى هناك من زمن بعيد. لقد امتاز هذ المدفن بأن له مدخلين يحملان زخارف نافرة لأشكال حيوانية وآدمية جميلة وأبرزها حيوان المها “الوضيحي”، وهي من الحيوانات الأصلية في الجزيرة العربية، ويؤديان إلى غرفه الأربع التي استعملها الانسان لدفن الموتى الذين زودهم بالهدايا والحاجيات الشخصية.

تؤرخ حضارة حفيت لبداية العصر البرونزي في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أظهرت عمليات التنقيب عن الآثار التي قامت بها البعثة الدنماركية منذ عام 1959، أن الإنسان قد استوطن منطقة العين منذ نهاية الأف الرابع قبل الميلاد. ويُستدل على ذلك بالبقايا الأثرية التي تم العثور عليها في منطقة جبل حفيت كالفخار والأدوات الحجرية والتي تعود إلى العصر البرونزي المبكر، وقد بلغ عمرها اليوم حوالي خمسة آلاف سنة، وهي تقدم أدلة رائعة عن البراعة والمهارات الحرفية للأسلاف الأوائل لسكان العين، وكما أشار بعض المؤرخين إلى أن حضارة حفيت في العين هي جزء من حضارة ماجان القديمة في المنطقة. ويدل هذا الانتشار الحضاري الواسع على أهمية منطقة العين منذ ذلك التاريخ، وتم التنقيب في العشرات من هذه المدافن التي تبين بأنها تشبه بعضها البعض خلال فترة تجاوزت خمسة عقود من الزمن. وهذه المدافن أحادية التقسيم، أي أن الواحد منها يتكون من حجرة دفن واحدة ذات شكل دائري أو بيضوي مبنية من الأحجار المحلية غير المتناسقة وهي بذلك تختلف عن مدافن الفترة اللاحقة وحجرات المدافن التي تتكون من جدار دائري واحد، وفي كثير من الأحيان من جدارين أو أكثر ترتفع لثلاثة أو أربعة أمتار فوق سطح الأرض.

تعد المدافن من أهم المعالم الأثرية في موقع بدع بنت سعود، حيث أقيمت هذه المدافن على قمم وسفوح هذا المرتفع، ويبلغ عددها أكثر من أربعين مدفناً حجرياً مبنية من الحجارة غير المتناسقة، نُقب منها أكثر من ثمانية عشر مدفناً تختلف في أشكالها وأحجامها وفتراتها الزمنية أيضاً. أما أحدث المدافن التي تم التنقيب فيها فتعود إلى بداية الألف الأول قبل الميلاد، حيث كشف عن أربعة مدافن تعود إلى تلك الفترة الزمنية، أحدها مستطيل الشكل طوله 8 متر وعرضه 6 متر. ولقد تبين من خلال عمليات التنقيب بأن المدافن الواقعة على امتداد السفح الشرقي لجرن بنت سعود ترجع إلى العصر البرونزي، وهي تشبه المدافن الموجودة في منطقة جبل حفيت، وبناءً على مكتشفاتها فيرجع تاريخها إلى نهاية الألف الرابع وبداية الألف الثالث قبل الميلاد. وتم اكتشاف الفـلج في المنطقة الواقعة إلى الغرب من جرن بنت سعود وعلى بعد حوالي 1500 متر منه، وكشف بعض من آبار هذا الفلج وقناته الجوفية، وشريعته التي كان يتم النزول إليها بواسطة سلم من الحجر يتكون من عدة درجات. كما تم الكشف عن حوض كبير لتجميع المياه. والجدير بالذكر أن فلجاً آخر قد تم اكتشافه في نفس المنطقة، وهذا يدل على أن منطقة بدع بنت سعود قد لعبت دوراً كبيراً في تاريخ المنطقة الشرقية من إمارة أبوظبي، وهي بنفس الوقت تدل على كون نظام الفلج نظاماً أصيلاً عرفته المنطقة قبل ثلاثة آلاف عام.

• جزيرة صير بونعير
• المشهد الثقافي في المنطقة الوسطى مليحة
• الشارقة بوابة الإمارات المتصالحة
• جزيرة أم النار في أبوظبي
• خور دبي
• موقع الدور في أم القيوين
• مسجد البدية في الفجيرة
• سبخة أبوظبي