الإشعارات
وزارة الثقافة والشباب تطلق أول تقرير من نوعه يرصد حالة اللغة العربية ومستقبلها
ديسمبر 18, 2020
- نورة الكعبي: يشكل التقرير قاعدة أساس ونقطة مرجعية لصناع القرار وهو جزء من التزام الإمارات بهويتها الثقافية
- أودري أوزلاي: اللغة العربيّة بوّابة عبور إلى تراث ثقافيّ غاية في الثراء والتنوّع
- سمو الأمير بدر بن عبد الله: اللغة وسيلة عميقة لنقل الثقافة والحضارة وتبادل الأفكار والرؤى
- الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: اللغة حافظة الهويّة، وحضنها الأوّل.
أطلقت وزارة الثقافة تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها، كأول تقرير بحثي يرصد حالة اللغة العربية في عدة محاور وذلك ضمن فعاليات اليوم العالمي للغة العربية. وقد جاء إعداد التقرير بناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله ليكون أساساً ودراسةً موسعة لمقاربة تحديات اللغة العربية بطريقة علمية تساعد على تطوير أساليب استخدامها وتعليمها وتمكينها كوسيلة للتواصل واكتساب المعرفة.
وأكدت نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب أن التقرير يشكل قاعدة أساس ونقطة مرجعية لمساعدة صناع القرار في الحكومات والمؤسسات الخاصة على مستوى المنطقة والعالم، في كل ما يخص اللغة العربية. وهذا التقرير سيكون اللبنة الأولى في إطار مشروع دائم لدراسة حالة اللغة العربية والعمل على تعزيز حضورها واستخدامها بأشكالها المتنوعة”.
وأشارت نورة الكعبي أن المحاور العشرة للتقرير ركزت على أهم القضايا الأساسية التي تهم صناع القرار العاملين في قطاع اللغة العربية، واخترنا أن يتضمن التقرير إضافة إلى العمل البحثي، مقالات رأي من مختلف الفاعلين في القطاع من مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى دراسات حالة مختارة ضمن مختلف المحاور.
وأوضحت نورة الكعبي بإن هذا العمل هو جزء من التزام الإمارات بهويتها الثقافية وبدورها كمساهم فاعل في الهوية الثقافية لمنطقتنا.
وحول أهم المخرجات والتوصيات قالت نورة الكعبي:
” رصد التقرير إيماناً راسخاً لدى شرائح واسعة من الشباب الجامعيين في العالم العربي بأن العربية هي أساس هويتهم الوطنية والعربيّة والدينية، وبأنّها ضروريّة في حياتهم، وبأنّ لديهم رغبة في استخدامها بشكل أكبر في حياتهم وفي تعليمها لأولادهم، ممّا ينمّ عن عمق العلاقة بين هؤلاء الشباب ولغتهم. كما أظهر ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد متعلّمي العربية من غير الناطقين بها في بلدان متعدّدة استطاعوا بلوغ مستويات عالية من الكفاءة في اللغة العربية أتاحت لبعضهم فرص الانخراط في ميدان تدريس العربية كلغة أجنبية، مما يثبت أنّ تعلّم العربية ممكن وفي متناول كل من يمتلك الحافز للتعلّم”.
وأشارت نورة الكعبي أنه تم تحقيق قفزات نوعية في عديد من الفضاءات التكنولوجية تمثلت في التقدم الذي حققته لغات البرمجة العربية، وظهور الكثير من التطبيقات باللغة العربية، وتمكّن العربيّة من شقّ طريق لها إلى كثير من تطبيقات الذكاء الاصطناعي”.
وقالت أودري أزولاي المديرة العامّة لمنظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” في كلمتها بالتقرير:
” اللغة العربيّة واحدة من أكثر لغات العالم انتشارًا. وهي لسان ما يربو على 422 مليون نسمة، وبها يتواصلون ويتفاعلون. كما أنّها لغة دين الإسلام الذي يعتنقه ما يربو على المليار ونصف المليار إنسان، وبها يمارسون عباداتهم. والعربيّة ركيزة من ركائز الحضارة الإنسانيّة. وهي لغة الابتكار والاستكشاف في مجالات العلوم والطبّ والفلك والرياضيّات والفلسفة والتأريخ، على مرّ العصور. وكانت وما تزال جسرًا للمعرفة، عبر الزمان والمكان. وأسهمت عبر القرون، مع بقيّة ثقافات العالم، في تراكم إرث الإنسانيّة”
وأشارت أودري أزولاي أن تقرير “حالة اللغة العربيّة ومستقبلها” ينبّهنا لحاجتنا إلى جمع مزيد من البيانات حول الموضوعات المتعلّقة باللغات، بما يكفل الحفاظ عليها وصونها واستمراريّتها ويعزّز حضورها الهامّ. وهي مهمّة تزداد إلحاحًا في عالمنا الرقميّ الراهن، حيث يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعيّ والتكنولوجيا الإسهام بدورها مع لغات العالم في نشر المعرفة ونقلها وإتاحتها.
وشكرت المديرة العامة لليونسكو دولة الإمارات العربيّة المتّحدة على نشر هذا التقرير، الذي يجسّد تعاونها الكبير مع منظّمة اليونسكو في هذا المجال والتزامها نحو الارتقاء بدور ومكانة اللغة العربيّة؛ الأمر الذي انعكس على قرار اليونسكو بتسمية مدينة الشارقة عاصمة عالميّة للكتاب في العام 2019، تقديرًا لجهودها في نشر وتشجيع ثقافة القراءة.
وأضافت:
” إنّني أرى اللغة العربيّة اليوم مثل بوّابة عبور إلى تراث ثقافيّ غاية في الثراء والتنوّع، وأجد فيها مقدَّرات هائلة نحو توطيد أواصر التعاون بين الشعوب وتحقيق السلم فيما بينها. لذلك ارتأت منظّمة الأمم المتّحدة، في العام 1973، أن تكون اللغة العربيّة واحدة من لغاتها الرسميّة المعتمدة. ولسوف تواصل اليونسكو جهودها في حسن استغلال إمكانات هذه اللغة لتكون حلقة وصل وجسرًا نحو تحقيق مبادئ الكرامة والنزاهة والتحرُّر والمساواة بين المرأة والرجل. وما هذا التقرير إلا لبنة قويّة متينة في بناء تلك المساعي المحمودة.
وقال صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة في المملكة العربيّة السعوديّة في كلمته بمقدمة التقرير:
” حظيت اللغة العربيّة باهتمام كبير من سيّدي خادم الحرمين الشريفين – أيَّده الله – في جميع خطبه وخطاباته وكلماته وتوجيهاته، حيث يؤكّد أنَّ خدمة اللغة تشريف وتكليف لإنسان هذا المكان، ويوجِّه دائمًا بالاهتمام بها، في تجسيد كريم لاهتمام المملكة العربيّة السعوديّة وصلتها العميقة باللغة العربيّة، حيث أنزلتها منزلة كبرى في جميع أنظمتها ولوائحها، بدءًا من النظام الأساسيّ للحكم، مرورًا بأنظمة القضاء والثقافة والتعليم والإعلام وغيرها، إلى أن تجلَّت في رؤية 2030 التي أطلقها سيّدي وليّ العهد صاحب السموّ الملكيّ الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله. وللّغة العربيّة مكانة كبرى في وجدان العرب والمسلمين، وذلك بالنظر إلى العامل التاريخيّ والثقافيّ والجغرافيّ، حيث يجد العرب فيها تاريخهم الثقافيّ العميق، ويشتركون مع إخوتهم المسلمين في استشعار قداسة النصّ القرآنيّ الذي شرّف لغتهم وخلّدها في قلوب المسلمين في جميع العصور والأماكن. أمّا نحن أبناء المملكة العربيّة السعوديّة فإنّنا نتشرّف بما سبق ونرتبط بهذه اللغة بروابط عديدة، فهي لغة المكان والجغرافيا، ولغة التاريخ، ولغة الثقافة، وهي إلى جانب ذلك لغة دولتنا التي جاءت في المادّة الأولى من النظام الأساسيّ للحكم، وحين نتحدّث عن اللغة فإنّنا نتحدّث عن هويّتنا العميقة، وما نرويه أو ندرسه أو نكتبه أو نتّجه إلى توثيقه، إنّما هو مرتبط بعمق هذه اللغة وثقافتها.
وأضاف سموه:
“نحن نعلم أنَّ اللغة سمة بشريّة، خصّ اللهُ بها بني البشر، وذلك لتتميم احتياجاتهم، وتواصلهم فيما بينهم، إذ كرَّم الخالق بني آدم باللسان للتواصل والتعارف. هذا كلُّه جعل من اللغة شرطًا أساسيًّا للعيش، لا يتمّ للبشر حياة بدونها، ومن هنا تحوّلت اللغة من وسيلة عابرة للتواصل إلى أن تكون وسيلة عميقة لنقل الثقافة والحضارة وتبادل الأفكار والرؤى، وفي تاريخ البشر ما يشهد على ذلك نتيجة لتعدُّد الأعراق واختلاف بقع الأرض وتعدُّد الألسنة واللغات، وما صاحبه أو تلاه من تحوّلات حدثت في الألسنة واللغات، أو أحدثتها هذه الألسنة واللغات في طبيعة الرؤية إلى الحياة”.
من جهتها قالت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار في كلمتها بتقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها:
” اللغة أيضًا، أمٌّ. غير أنّها أمّ للكامن فينا من تشكّل هذا العالم والوعي به، لسيرة الأشياء التي تصعد بداخلنا سيرة حياة نسمّيها (نحن). واللغة هويّة، هويّة الوطن الذي إليه ننتمي، الثقافات التي نصنع، والمعنى الذي هو مقصد تشكّل اللغة لصناعة الطريق إليه. لذا، فاللغة حافظة الهويّة، وحضنها الأوّل. إنّها الكلمة الأولى التي نستيقظ عليها في هذا العالم، في هذه الجهة من الأوطان تحديدًا، ولأجلها يتحسّس القلب ويشعر. ولذا فإنّ أوّل ما تقوله الأمّ لطفلها: أمٌّ أيضًا. ولربّما ضمن وقع العالم وإيقاعه، الذي أوجد لغات تواصل عدّة لا حصر لها. وفي عالم فرضت فيه حركة العولمة والتطوّرات التكنولوجيّة والمعرفيّة استخدام عددٍ محدودٍ من اللغات، لا بُدّ لنا من الاستناد إلى جذر اللغة التي إليها ننتمي؛ اللغة الأمّ: اللغة العربيّة.
وأضافت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة:
“هذه اللغة التي أبهر جمال بيانها وإتقان نظمها وإبداع خطّها كلَّ من اطّلع عليها، فالعربيّة لم تكن يومًا مجرّد أداة تواصلٍ ما بين مجتمعاتنا العربيّة فقط، بل رسّخت على مدى القرون في وجدان الإنسان العربيّ وعبّرت عن هويّته الثقافيّة، وأصبحت علامة فارقة تميّزه عن غيره من شعوب الأرض، حتّى صارت وسيلته للتعرّف على الآخر وإطلاعه على ما يمتلكه من مكتسبات حضاريّة واستخدامها خلال رحلة بحثه وتقصّيه عمّا يشكّل هويّته والعالم من حوله. ولأجل ما تؤمن به الأوطان من أهمّيّة اللغة في صياغة مضمون حضاريّ، وإيداع التاريخ الإنسانيّ صنائعها وحصائلها، فإنّنا نجد أنّ عالمنا العربيّ اليوم يواصل اشتغالاته رسميًّا وأهليًّا ومدنيًّا من أجل إحياء اللغة العربيّة، واستدامتها لدى أبنائها وأجيالها، كي تكون أداةً يستعيد بها العربيّ دوره ومكانته في إثراء الحراك الثقافيّ العالميّ. وقد تمكّنت جهود الدول العربيّة من نيل الاعتراف العالميّ بمكانة هذه اللغة فأصبحت لغة رسميّة لمنظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ومن بعدها أقرّت المنظّمة عام 2012 اليوم العالميّ للّغة العربيّة، والذي نحتفي به سنويًّا في مملكة البحرين عبر جهودٍ مشتركةٍ ما بين هيئة البحرين للثقافة والآثار والمركز الإقليميّ العربيّ للتراث العالميّ، كما نأمل أن تنجح الدول العربيّة في تسجيل الخطّ العربيّ على قائمة التراث العالميّ غير المادّيّ”.
انطلاقًا من المعطيات التي تحصّلت نتيجة الأبحاث المتضمّنة في هذا التقرير، يمكن القول إنّ اللغة العربيّة اليوم لغة قويّة حيّة ونابضة تمثّل الأداة الحاضنة للتواصل والتعبير والإبداع لدى أعداد كبيرة من الناس تشمل الناطقين بها وبغيرها من اللغات. وهي تقف على أرض صلبة وتمتلك الكثير من مقوّمات الاستمرار والنموّ والتطوّر والقدرة على مواجهة التحدّيات التي تواجهها وتواجه غيرها من لغات العالم في خضمّ عالم دائم التغيّر والتحوّل. ونستدلّ على حركيّة النموّ والتطوّر التي تشهدها اللغة العربيّة اليوم بالعديد من المؤشّرات والملامح التي تبدّت لنا من خلال المحاور التي قمنا بدراستها.
وقد أظهر التقرير نمو منصات النشر الرقمية باللغة العربية حيث وصلت عدد الروايات المنشورة في إحدى المنصات إلى 2600 رواية، فيما وصل عدد المشاهدات لبعض الروايات إلى 10 ملايين مشاهدة. وتعد اللغة العربية من بين اللغات الأكثر استخداماً على شبكة الانترنت حيث وصل العدد التقريبي لمستخدمي العربية على الانترنت إلى 237 مليون مستخدم، و17 مليون تغريدة باللغة العربية يومياً، و72% من التغريدات في الوطن العربي باللغة العربية.
كما أشار التقرير إلى إقبال كبير من المتعلمين غير الناطقين بالعربية على تعلم اللغة العربية في العوالم الجديدة، إذ تشير الأرقام أن 31500 طالباً جامعياً في الولايات المتحدة درسوا اللغة العربية، واحتلت اللغة العربية المركز الثالث بين أكثر الغات انتشاراً في مراحل التعليم العالي، كما أن هناك 60 جامعة درّست اللغة العربية في المملكة المتحدة، و46 جامعة درّست اللغة العربية في الصين.
وعن التوصيات والخطط المستقبلية للغة العربية، أشار التقرير إلى ضرورة، رفع مستوى جودة المنتج العلمي العربي، وإنشاء مرصد للكتاب هدفة متابعة حركة النشر العربي، وإنشاء مركز أبحاث لتعليم اللغة العربية وتعلمها، وزيادة مستوى الاستثمار في المشاريع الخاصة باللغة العربية والتكنولوجيا، وإقرار ميثاق إعلامي عربي مشترك يعنى باللغة العربية في الإعلام، وإيجاد مؤسسة عربية علمية موحدة مرجعية توحد جهود الترجمة وتنسقها وتضبط المصطلحات المعرفية، وإقامة مرجعية دولية للغة العربية تعزز حضور اللغة والثقافة العربية في العوالم الجديدة، وتغير المقاربات المتبعة في تدريس اللغة العربية في المدارس.
عن التقرير
كانت وزارة الثقافة قد تبنت مشروع تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها وشكّلت فريقاً بحثياً يضم باحثين وخبراء من جامعات عربية مختلفة بدؤوا عمليات البحث والاستقصاء وجمع البيانات ضمن المحاور العشرة التي تضمنها التقرير.
وجاء تبني الوزارة للعمل على التقرير بعد توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في 18 ديسمبر 2018، بالعمل على إطلاق تقرير “تقرير حالة ومستقبل اللغة العربية”، ليكون أساساً ودراسةً موسعة لمقاربة تحديات اللغة العربية بطريقة علمية تساعد على تطوير أساليب استخدامها وتعليمها وتمكينها كوسيلة للتواصل واكتساب المعرفة.
وشارك في التقرير أكثر من 75 شخصية تضمنت الفريق البحثي بقيادة الدكتور محمود البطل، أستاذ اللغة العربية في الجامعة الأميركية في بيروت، إضافة إلى باحثين وأساتذة جامعات من أنحاء العالم، وقادة مؤسسات إعلامية وتقنية محلية وعالمية.