الإشعارات
وزارة الثقافة والشباب تستضيف أمسية شعرية ضمن أسبوع اللغة العربية شعراء: غناء الشعر العربي يقرّب المفردة الشعرية للمتلقين ويرسّخ حضورها في وجدان المجتمعات وحياة الناس
ديسمبر 23, 2020
ضمن فعاليات أسبوع اللغة العربية وبالتزامن مع إطلاق وزارة الثقافة تقرير حالة اللغة العربية، انعقدت فعالية اللقاء الحواري/ الشعري بعنوان “العربية في قصائد الشعراء” بمشاركة كل من الشاعرين الإماراتيين كريم معتوق المرزوقي وعبد الله الهدية الشحي، والشاعر السعودي معبر النهاري، والشاعرة والناقدة الأدبية السورية الدكتورة بهيجة إدلبي، وأدارتها الإعلامية ندى الشيباني.
وتضمن اللقاء حضوراً متميزاً غناءً وعزفاً موسيقياً للفنان فرج أبيض في أداء مقام “مضامٌ عند غيرك يا حبيبي”، وغنائه قصيدة للشاعرة الإماراتية أمل السهلاوي بعنوان “بكل غرائبِ العمر امتحنّي”، كما شهد اللقاء حوار المشاركين حول اللغة العربية ومكانتها في الحياة والوجدان العربي، وكيفية اختيار العناوين للقصائد كعتبات للنص، ومدى مسايرة النص الشعري لمكانه وزمانه خاصةً، والإلهام الشعري الذي تحفزه اللغة العربية بجمالياتها وبلاغتها وبيانها، وأهمية الغناء للمفردة الشعرية الفصيحة كي ترسخ في وجدان الأجيال وذاكرة الناس، إضافة إلى أهمية جهود الإمارات في إحداث تغيير جذري في آليات التعامل مع الشعر وتهيئة مناخات الإبداع واكتشاف المواهب بالتفرغ الإبداعي والحوافز والتحديات والمسابقات، والارتقاء بالذائقة الشعرية المجتمعية عبر الانتقاء للنص الشعري الجيد إماراتياً وعربياً في المناهج التعليمية لخلق ذاكرة وذائقة لدى الأجيال القادمة وصولاً إلى التوصية بتعاون وزارة التربية مع وزارة الثقافة خاصة والمؤسسات الثقافية الأخرى لوضع مناهج متطورة تقارب الإبداع الإماراتي الشعري في جميع أغراضه.
حيث أشاد الشاعر عبد الله الهدية بدور وزارة الثقافة، وأهمية تنظيمها لفعاليات اللغة العربية ورؤيتها في الحفاظ عليها، معتبراً أن الشعر حاضر في كل المناسبات وهو أبو الأنماط التعبيرية جميعاً، فلا ينفك العربي عن الشعر أينما وكيفما كان، ولا يُفطم عن الشعر الذي يبقى هاجساً محركاً للأجيال، أما الشاعر كريم معتوق فقد رأى أن القصيدة تكون المؤثر الأول في الوجود والوجدان عندما تكون حاضرة في المناسبات المختلفة في حياتنا اليومية، وأن للشاعر قدراً ودوراً يتمثل في خلود المفردات ورسوخ المعنى، وأكّدت الدكتورة بهيجة إدلبي أن الشعر تجربة في اللغة، وهو الذي يستكشف اللغة ويستقصيها وهو طاقة كامنة في اللغة، والشعر باقٍ ونحن كعرب أبناء شعرنا، واعتبر الشاعر معبر النهاري أن العرب لا يزالون على علاقتهم الأزلية التاريخية العاشقة للشعر وللغة من خلاله، مع شعور البعض للأسف بالعجز تجاه التعبير بلغته الأم. وحول عناوين القصائد وكيفية اختيارها من قبل الشعراء رأى الشاعر كريم معتوق أن الشاعر يحرص على أن يكون العنوان مفتاحا للقصيدة وعتبة للغوص في معانيها، بينما رأت الدكتورة بهيجة إدلبي أنها لا تقرأ العنوان لأن العنوان هو النص ذاته، وهي تختار العنوان بجمالية المعنى أولاً، وتنتقي لنصوصها العناوين الجاذبة المحببة للشاعر نفسه أولاً كدالة شعورية، وعن متلقي الشعر اعتبر معبر النهاري أن مهمة القصيدة أن تخاطب المتلقي العادي لا النخبة فقط، فعلى الشاعر أن ينزل إلى مستوى المتلقي كي يرفع من مكانة اللغة العربية، وأن المتلقي متقدّم الاهتمام في مجالات الحياة المختلفة، إلا أنه لا يخص الشعر بالاهتمام نفسه، فالشاعر لا يُكرّم في حياته ولا يجد التلقي المطلوب، مشيراً إلى أهمية تعامل الشعراء مع التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي.
وتمحورت مداخلة الشاعر عبد الله الهدية حول أن اللغة العربية تستمد قدسيتها من قدسية القرآن الكريم ونفحات الروح والإيمان في عقيدتنا الإسلامية، وأن واجب كل إنسان عربي أن يهتم بالنهوض بلغة الضاد، وخاصة الشعراء الذين يجسدون القصائد كامتداد فكري راسخ وأزلي، مشيراً إلى صراع الآراء خاصةً في وسائل التواصل الاجتماعي، حول مكانة وضرورة اللغة العربية كعنصر من عناصر الهوية الوطنية الإماراتية والعربية، مشيدا بتلك القصائد التي تم غناؤها من عيون الشعر العربي والتي خلدت الشعر غناءً على ألسنة الناس، قائلاً: “يشكو الشعراء والشعر من عدم الرعاية والاهتمام، ولكن لو بقينا على هذه المآسي لما وصلنا إلى شيء، بل نحتاج جميعاً إلى اعتبار القصيدة مشروعنا الخاص الذي يخلدنا”.
واعتبرت الدكتورة بهيجة أن غناء الشعر العربي يقرّب المفردة الشعرية للمتلقين ويرسّخ حضورها في وجدان المجتمعات وحياة الناس، وأنّ الغناء يؤرخ للشعر، مع ضرورة النقد كرافعة للنص الشعري بما يجنبنا الاختيار الخاطئ للمفردة الشعرية للغناء، ورأى الشاعر معبر النهاري أن النقد غائب في مواجهة النص الشعري، وخاصة لجهة القيام بدوره في تقديم النص الشعري الجيد والجاد، كما أن الموسيقى في رأيه هي أرقى أنماط التعبير في السلم الإبداعي، وبها ينتشر الشعر ويشتهر الشاعر، وختم الشاعر كريم معتوق بإشارته إلى أن الغناء يجب أن يتخفف من الشعر، وأن يتعامل مع ضعيف الشعر فقوي الشعر لا يصلح للغناء، والدليل أن شعر المتنبي لم يغنَّ، مؤكداً على أنّ الشعر الغنائي مجال مختص يغوص فيه من يتقن أدواته ومفرداته.
كما تضمنت الفعالية إلقاء الشعراء المشاركين لمجموعة من نصوصهم الشعرية وقصائدهم البديعة، حيث استهل اللقاء الشاعر كريم معتوق بإلقائه قصيدتيه “سيرة ذاتية قصيرة، و”العراق”، التي منها هذه الأبيات:
“لمَ العراق غريقٌ في براءتِهِ
للعُربِ قبلتُهُ لو أنه احترزا
غزا محبّيهِ بالنكرانِ وا أسفا
قد عضّ غاربَهُ حين انتحى وغزا
في خيط سُبحتِهِ همٌّ ومُغترَبٌ
والخوفُ واليأسُ صاروا حولها خرَزا”.
تلته الشاعرة الدكتورة بهيجة إدلبي التي ألقت قصائد “قالت لمرآتها”، “كينونة” و”فيض النون” التي منها:
“نونٌ ويجري على ألواحه القلمُ
حتى تلامح في وجدانه العدمُ
فرتّل النور آياتٍ منزّلةً
توضأ البيتُ بالأنوار والحرمُ
فأشرقت لغةٌ من قبلُ قد فَتَنت
أسرارُها كلّ من هاموا ومن حلموا
دلائل السر في آلائها طُويت
كأنما هي بالأسرار تزدحمُ”.
وقرأ الشاعر معبر النهاري من قصائده “أحداق القصيدة، و”الهمم السبع”، و”رؤيا يفلسفها الحبر” التي أهداها إلى صاحبي السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ومنها قرأ الشاعر:
“لغة السماء بفيضها النفّاحِ
سُكبت على ثغري وفي أقداحي
هطلت بفاغيةِ الكلام فعطّرت
شفة القصيد بطيبِه الفوّاحِ
العيدُ أن يبقى خليفةُ في المدى
نبضا كفيض جواره المنّاحِ
ما للخليج سوى محمد في الوغى
أكرم بصولة ضيغمٍ كصلاحِ”.
أما الشاعر عبد الله الهدية فقد ألقى قصيدتيه “أوتار المسرات” و”تعويذة الضاد” التي قرأ منها:
“هويتي لغتي ديني وقافيتي
وهي التي في كياني تسكن العصبا
هي الهدى والرؤى في منتدى أفقي
وهي التي في ضياها أكشف الحجبا
باقٍ على ودّها والودّ يسكنني
والود فيها على الإخلاص قد دأبا”.
-انتهى-
عن تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها
كانت وزارة الثقافة قد تبنت مشروع تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها وشكّلت فريقاً بحثياً يضم باحثين وخبراء من جامعات عربية مختلفة بدؤوا عمليات البحث والاستقصاء وجمع البيانات ضمن المحاور العشرة التي تضمنها التقرير.
وجاء تبني الوزارة للعمل على التقرير بعد توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في 18 ديسمبر 2018، بالعمل على إطلاق تقرير “تقرير حالة ومستقبل اللغة العربية”، ليكون أساساً ودراسةً موسعة لمقاربة تحديات اللغة العربية بطريقة علمية تساعد على تطوير أساليب استخدامها وتعليمها وتمكينها كوسيلة للتواصل واكتساب المعرفة.
وشارك في التقرير أكثر من 75 شخصية تضمنت الفريق البحثي بقيادة الدكتور محمود البطل، أستاذ اللغة العربية في الجامعة الأميركية في بيروت، إضافة إلى باحثين وأساتذة جامعات من أنحاء العالم، وقادة مؤسسات إعلامية وتقنية محلية وعالمية.